مأساة مفتوحة
عندما يتحدّثُ السّياسيُّ بمنطقِ الحقِّ والباطلِ.. والفئةِ الناجيةِ مقابل الفئاتِ الهالكةِ.. وحزبِ اللهِ وأحزابِ الشيطانِ واحتكارِ الوطنيّةِ ومعرفةِ مصلحةِ الشّعبِ.. فمن البديهيِّ أن يكونَ غيرَ قادرٍ على التّعايشِ مع المختلفين والمُعارضين..
لذلك في ثقافتِنا العربيَّةِ الاسلاميّةِ أغلبُ الخلفاءِ أو الحكّامِ ينتهي بهم الأمرُ مقطوعي الرؤوسِ أو الأوصالِ أو الأخبارِ..
عندما يقفزُ أحدُهم إلى كرسيِّ الحكمِ فأوّلُ ما يفعلُه هو محوُ كلِّ ذكرى أو أثرٍ لمن حكمَ قبله.. يجبُ أن يُشوّهَه ويُشيطنَه فيتمّ الحديثُ عنه بصيغِ.. “النّافق” أو “المقبور” أو “البيّوع” وممنوع تماما ذكر ولو ميزةٍ بسيطةٍ له أيّا كانت، يجب أن يتسىربلَ بالسّوادِ والظّلامِ مقابل الأنوارِ السّاطعةِ الجديدةِ..
لذلك فتاريخُ البلدانِ المتخلّفةِ هو عبارة عن تاريخِ أشخاصٍ ولكنهم ليسوا كالأشخاصِ العاديِّين.. فبعضهم ملائكة وبعضهم شياطيين وأحيانا نفس الشّخص يكونُ مرّة ملاكا ومرّة شيطانا حسب اختلافِ الرّاوي أو الزّمنِ..
لا استرسال ولا تواصل ولا استمراريّة ولا استفادة من مزايا أو أخطاءٍ سابقةٍ..
مع كلِّ حاكمٍ تُقامُ القيامة وتتبعثرُ القبورُ ونُوأد ونُبعثُ من جديد.. في مأساةٍ مفتوحةٍ وعبثيّةٍ ضاقَ عنها التاريخُ.