الخيط الرفيع
لا يمكن للإنسان أن يُقدّرَ أو يُجلَّ أفكارا لا يؤمنُ بها ولا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يأخذَها على محمل الجدّ.. هذا طلبٌ غيرُ منطقيٍّ أصلا
إلى أيّ حدٍّ يمكنُك أن تحملَ أساطير الإغريق على محمل الجدّ؟
وإلى أيّ حدٍّ يُمكنُك أن تقفَ متماسكا أمام فكرةِ أنّ الأرضَ مستقرّةٌ على قرن ثور؟
كونُ مجموعة من النّاس اختارت أن تعبد زيوس وأثينا وأن تُقيم معابد لجوبيتار وأبلون لا يُلزمُني بأيّ شيء ولا يُحمّلُني أيّ وزرٍ أو التزامٍ أخلاقي.. هم من فعلوا وهم يتحمّلون مسؤوليتَهم الثقّافيّة.. ما دخلي أنا بالموضوع حتى ألتزمَ بأوامر أو نواهٍ ما في هذا المجال؟!
أنا غير مؤمنة بهذه الرواية وبناءً عليه يمكنُني أن أسخرَ منها أو أقتبسَ منها أعمالا فنيّة أو أُطلقَ على الكواكب أسماء آلهتها..
غيرُ المؤمنِ يقفُ على نفس المسافةِ من كلّ الأديانِ.. عبر الزّمان والمكان وهو ليس له أيّ عداءٍ شخصيٍّ لك أو لدينِك.. يقفُ من دينِك نفس موقفك أنت من كلّ بقيّة الأديان..
أن تختارَ أنت أو ترثَ دينا تجعلُه مُفضّلا على بقيّة الأديان.. يستوجبُ احتراما خاصّا ومعاملةً خاصّة.. لا يُلزمه بأيّ شيء على المستوى الأخلاقي.. هذا شأنك أنت.
لكن طبعا هو مُطالبٌ باحترامِك أنت كإنسانٍ وبتقديرِك.. أما ما اخترت أن تعتنقه من أفكارٍ وآلهة وأساطير وخرافات فلا يعنيه في شيء.
متى يستوعبُ المؤمنُ هذه الفكرةَ بعمقٍ سيتوقّفُ عن التحسّسِ من كلِّ كلمةٍ يتفوّهُ بها غيرُ المؤمنِ