حقيقةٌ أَم واقع !
الْفكرةُ(….) الصُّورة التَّي سيبْنيها، مثلاً، الْمعماريُّ في خيالهِ للانتقالِ من حاجةٍ- موثَّقةٍ في دفترِ شروطٍ على شكلِ برنامجٍ كميٍّ- نحوَ صورةٍ ذهنيَّةٍ أَوليَّةٍ تُأَسِّسُ لنبوغِ مشروعٍ، هي “واقعٌ” في خيالِ الْمهندسِ.
تنطلقُ هذهِ الْفكرةُ نحوَ أَدواتِ الرَّسمِ كالْيدِ والطّابعاتِ، ليتجسَّدَ الْفكرُ الْمجرَّدُ على أَوراقٍ بيضاءَ والْمنتوجُ الْمرسومُ هو “واقعٌ” معروضٌ للمراقبينَ.
هنَا وفي وقتٍ لاحِق يَتمُّ بناءُ هذا الْمشروعِ الْمُتخيَّلِ على قطعةِ أَرضٍ بأَيدٍ عاملةٍ أَو أَيدٍ ميكانيكيَّةٍ، أَلخ…
الْآن، لدينا “واقعٌ” في مُخيِّلةِ الْمعماريِّ، و”واقعٌ” ثانٍ على ورقتِهِ و”واقعٌ” آخر (المَبنَى) على أَرضِ عالمِنا المادّيِّ. ترتبطُ هاته الْوقائعُ بدرجةٍ منَ الصِّدقِ والْمصداقيَّةِ بينها، هذا يعني أَنَّ “الْحقيقةَ”، هنا، لها مَجالٌ محدودٌ منَ الْإِدراكِ والتَّخصُّصِ. فَتأتي هيئاتٌ للتَّحقُّقِ من أَنَّ الْبُنيانَ على الْأَرضِ يتوافقُ مع الْمخطّطاتِ ثمَّ تصادقُ عليها. هذا كلُّ ما في الْأَمرِ.
”الْحقيقةُ”، مفهومًا، تتَّسمُ بالْحضورِ الْكُلِّي والدَّائِمِ، لكن إِذا علِمنا أَنَّ الْمبنَى يُمكن أَنْ يُزعزعَ اِستقرارَهُ بلْ ويختزِلَهُ إِلى لا شيءٍ “واقعٌ” آخر كالزِّلزالِ أَو قنابلِ الْحروبِ، فإِنّنا نستنتجُ أَنَّ “الْواقعَ ” ليسَ صحيحًا و حقيقيًّا كمّا يبْدُو لنا.
الْخلاصةُ، إِنْ صحَّ الْقولُ، إِمكانيَّةُ تنويعِ الْوقائعِ، تُقابلُها عكسيًّا حصريَّةُ الْحقيقةِ وأُحاديتِها.
أينَ سنجِدُ الْحقيقةَ إِذن؟